قال تعالى في سورة النساء
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً {59} )
لم يقل تعالى وأطيعوا أولي الأمر منكم لأن طاعة أولي الأمر تبعية وليست مستقلة وإنما هي تابعة لطاعة الله وطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم فأولي الأمر ليس لهم طاعة مستقلة ولكن طاعتهم تبعية بحسب طاعتهم لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم.
كما أن طاعة أولي الأمر ليست بنفس بمنزلة طاعة الله ورسوله ومن المحتمل التنازع بين أولي الأمر.
وهناك سؤال آخر في هذه الآية وهو لماذا يرد في القرآن أحياناً أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأحياناً أخرى يرد وأطيعوا الله والرسول؟ في القرآن قاعدة عامة وهي أنه إذا لم يتكرر لفظ الطاعة فالسياق يكون لله وحده في آيات السورة ولم يجري ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم في السياق أو أي إشارة إليه كما جاء في سورة آل عمران (وَأَطِيعُواْ اللهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ {132} ) .
والأمر الآخر أنه إذا تكرر لفظ الطاعة فيكون قطعياً قد ذُكر فيه الرسول في السياق كما في قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً {59} النساء)
و (وَأَطِيعُواْ اللهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَاحْذَرُواْ فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاَغُ الْمُبِينُ {92} المائدة)
و (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ قُلِ الأَنفَالُ لِلّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُواْ اللهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ وَأَطِيعُواْ اللهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ {1}
ويَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنتُمْ تَسْمَعُونَ {20} الأنفال)
و (قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّوا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُم مَّا حُمِّلْتُمْ وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ {54} النور)
و (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ {33} محمد)
و (أَأَشْفَقْتُمْ أَن تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ {13} المجادلة)
و (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ {12} التغابن)
وهذا ما جرى عليه القرآن كله كقاعدة عامة.
*ما الفرق بين (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ?1? الأنفال)
وبين (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ?59? النساء) ؟
في الآية الأولى طاعة واحدة في الثانية طاعتين طاعة لله وطاعة لرسوله
وهناك طاعة خاصة للرسول (وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ) وحده.
(وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ) فيما كان النبي عليه الصلاة والسلام مبلِّغاً عن ربه ليس له دور إلا أنه كان مُبَلِّغاً قال قال الله تعالى فكل شيء يُبَلِّغه النبي عن ربه بطاعة واحدة (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ) لأنها طاعة واحدة إذاً تطيع الله.
أما (أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ) لا، طاعتين طاعة لله وطاعة للرسول، طاعة الرسول ما بيّن وما شرح قال لك الصلاة كذا الزكاة مقاديرها كذا كل شيء لم يأتِ في القرآن الكريم فهذا من السنن فعليك أن تطيعه طاعة خاصة.
أطيعوا الله فيما بلغ وأطيعوا الرسول فيما قال وفيما فعل كما في الحديث (أوتيت القرآن ومثله معه) (ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ ?19? القيامة) . (وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ) وحده باعتباره رئيس دولة لما كان عليه الصلاة والسلام في المدينة كرئيس دولة كحاكم فحينئذٍ عليك أن تطيعه في كل شيءٍ إلا ما سمح لك به ألا تطيعه لكن خيارات إذاً صار الفرق بين هذا وهذا كما هو الحال وليس بالضرورة الطاعة الأخيرة تكون تشريعاً باعتباره إماماً (أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ?59? النساء) هذا فقط في الحياة السياسية (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ?59? النساء) دون أن يقول وأطيعوا أولي الأمر منكم (فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ ?59? النساء) هكذا.
حينئذٍ أطيعوا الرسول وحده باعتباره رئيس دولة كما تعرفون أن النبي صلى الله عليه وسلم كان مُطاعاً منذ أن جاء إلى هذا اليوم وإلى يوم القيامة في كل شيء حتى فيما لا نفهمه كما كان عبد الله بن عمر وغيره يطبق أشياء لا يفهمها يقول (لكني رأيت الرسول يفعلها ففعلتها) .